أخر المقالات
تحميل...
ضع بريدك هنا وأحصل على أخر التحديثات!

عـــالــمـك الــخـاص بـــك!.

آخر المقالات

المقالات

الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

أيها العرب هل رأيتمونا؟

رامية نجيمة
أيّها المغاربة اعذروني؛ فهذا المَنشور ليسَ موجّهاً إليكم، إنّه موجَّه بشكلٍ خاص إلى إخوانِنا في البلدان العربية.
أشقاءَنا العرب؛ أعرِف أنَّ لَديكم مِن المآسي ما قَد يستمّر مع أحفادِ أحفادِكُم، أعرف أنّ العالَم يبدو كَما لو أنّه انتفضَ فجأةً فنفض غُبار الحزنِ عنه لينثُرها عليكُم.. ونحن _إخوانُكم هنا في المغرب_ نحمد الله ونشكره؛ فنحن لَم تمسّنا نيرانُ الثورات التي دمّرت لَديكُم الإنسان والبنيان، ولا توجد لدينا صراعات سببُها اختلاف طوائف أو مذاهب. كما لا يبدو أنّ هناك خطرا خارجي
ا يتهددنا. كل شيء عندنا يبدو على ما يرام.. لدينا الخبز في الأسواق، والمَباني التي لَم تدمِّرها القَذائف، والأطفال هُنا لا يذبَحُهم أحد. في شوارعنا تستطيعُ المرأة المُنقّبة أن تمشي دون أن يسخَر مِنها أحد، ويستطيع كلُّ الشباب إطلاقَ لِحاهُم دون أن يُتهّموا بصناعة الإرهاب. في مدننا تمشي المرأة بالملابس القصيرة وهي تتأبط ذراع رجل دون أن يخطر في بالها أن هناكَ من سيتهّما بالزنا وينفذ فيها حدَّه.. نحن لدينا المراقص ولدينا المساجد وبضعُ كنائس أيضا، فإذا أردنا وجهَ الله وجدناهُ وإن أرَدنا ما حرّم الله وجَدناه. إنّنا ننام كلّ ليلة على هُدوء مُطبق لا يقطعُه صوت القذائف فجرا، ولا صُراخ المتظاهرين صباحاً..
إننا.. ماذا أقول؟ إننا نحمد الله كثيرا ونرجو أن يُديم علينا أمنَنا واستقرارنا. 
أيّها العرب:
نحن أيضا لدينا بعض المشاكل، هي لا تقارن بمشاكلكم، فمشاكلكم أنتم سببُها البشر، أما مصائبنا ومآسينا فسببُها المَطر !
إخواننا:
هل رأيتُمونا ونحن نغرَق في جَنوبِ الوطن؟ هل رأيتُم كيف دمّرت مياه الأمطار أكْواخَنا الحقيرَة التي بَنيناها بعرَق السّنين؟ هل رأيتُم كيف جَرفَت الفيضانات مواشينا ومصدَر رِزقنا الوحيد؟ دَعكُم مِن مواشينا وأكواخنا.. هل رأيتمونا حين مِتنا غرقاً، قبل أن تَتكدّس جُثثُنا في حافلات نقلِ النّفايات (أكرمكم الله)؟
قد تقولون إنَّ هذا هو حالُ البلدان البائِسة الفقيرة، لكن هل بلدُنا فقير بالفعل؟ هل تعلمون أنّه على بعد كيلومترات قليلة من المكان الذي غرِقنا فيه، أقيم مهرجان السينما الدولي، إنه مهرجان مهيب حضر إليه أناس من كل بقاع العالم؛ فهل رأيتم مهرجاننا العظيم؟ هل رأيتم الوافدين إليه وهم يمشون بكامل ألقهم على البساط الأحمر بينما نحن حفاة عراة؟ هل رأيتموهم والكاميرات تترصّدهم وتنشر صورهم أولا بأول؟ نحنُ لَم يترصّدنا غير الجوع والبرد، حتى قنواتنا الوطنية لَم تخصّص لنا ثلاث ساعات مِن ساعات المتابعة الكثيرة التي خصّت بها المهرجان وضيوفه الكِرام. ثمّ سَمعنا أنّ "الفنانَ" الواحد مِن أولئك الذين تمّ تكريمهم في المهرجان قد أخذَ مِن الأموال ما يكفي لإعادة كرامة بعض الأسر المنكوبة، فهل شاهدتُم "الفنان" الفلاني وهو يتبختر على أرض المهرجان بعد أن أغدقت عليه الملايين وتمتَع هو وأمثاله بالإقامة الفخمة؟ في تلك الأثناء كنا نحصي شهداءنا، وننتظر قافلات المساعدة الجمعوية لننقضَّ على ما ستجود به مِن أغطية وملابس مستعملة بأيدٍ مزّقَها الصقيع.. 
لكنّ البيوت المهدّمة والأسر المشردة في الخلاء والأرزاق الضائعة كلها لا تساوي شيئا أمام مهرجانات تذكّرنا فرنسيتُها بأيام المستعمر، وتصرف فيها ملايين الملايين ما دامت هذه المهرجانات كفيلة بتلميع صورتنا أمام إخواننا العرب وغيرهم.. ما يهمّ فعلا هو أن يبدو بلدنا كجنّة، لا وجود فيها للفقراء والمشردين والعرايا والبائسين.. المهمّ هو أن ترَونا بحلّتنا البهية، وثرائنا الباذخ؛ فهل رأيتمونا؟



                                                                                   رامية نجيمة

شاركها مع أصدقائك!
تابعني→
أبدي اعجابك →
شارك! →

0 التعليقات :

إرسال تعليق