أخر المقالات
تحميل...
ضع بريدك هنا وأحصل على أخر التحديثات!

عـــالــمـك الــخـاص بـــك!.

آخر المقالات

المقالات

الاثنين، 8 ديسمبر 2014

جدتي ومهرجان مراكش والمنسيون

فرح أشباب
كانت جدتي ولا زالت دائما تعيب على أحفادها وحفيداتها الذين يهتمون بالمظهر أكثر من اللب.. فما إن ترى إحداهن تضع ماكياجا حتى تسألها: "واش انتي رجليك مَّسخين ;جالسة كاديري الماكياج"؛ وما إن ترى مراهقا من حفدتها يضع Gel حتى تسأله عن نظافة ملابسه الداخلية.. وما إن ترى إحدى بناتها تبحث متلهفة عن حلية أو خاتمِ ذهبٍ تريد اقتناءه تسألها: "واش مْهَلية فوليداتك بعدا وراجلك.. را كاينين الأولويات أبنتي ".. مرة كانت إحدى القريبات تريد تبييض أسنانها فأخبرتها " عرفتي أبنتي.. بغيتي تبيضي وجهك و سنانك.. بيضي قلبك هو الأول.." 
كانت تعليقاتها قاسية في كثير من الأحيان ومحبطة، لكن كان لها وقعا إيجابيا على المدى البعيد على العائلة كلها..
 
كانت معروفة بمقولة كانت ترددها "ماخصناش نديرو العكار على الخنونة"...
تذكرت هاته الأشياء كلها اليوم و انا أشاهد صور مهرجان مراكش الدولي للسينما و أتأمل البساط الأحمر و جواهر الفنانات -التي يمكن لقطعة واحدة منها أن تنقذ أسرا في الجنوب المنكوب و المغرب المنسي بصفة عامة- وماكياجهم و بذلات الفنانين و المسؤولين و ضحكاتهم و أحذيتهم اللامعة من فرط الغنى و التملق.
بريق الأضواء و جمالية الصورة و حضور الإعلام الوطني و الدولي ... أخبار تافهة تبث على مدار الساعة كلها حديث عن السينما وتكريم فلان وحصول علان على جائزة...
 
كل ذلك يقع في مراكش الحمراء.. على مقربة من مواطنين مغاربة، هنالك في الجنوب، أخذت الفيضانات والسيول أرواحهم ومنازلهم والشيء القليل المتبقي من كرامتهم.
 
فنانو بلدي و مغنوه و مسؤولوه يتهافتون على دعوات الحضور الى المهرجانات وحجز في فندق فخم وأطباق فخمة من الكافيار و النبيذ المعتق وفواكه البحر والفواكه الاستوائية، و مبلغ لا بأس به من المال .. و لا أحد منهم شمر على ساعديه و توجه إلى تلك المناطق التي لا يصلها لا ويفي ولا أضواء و لا كاميرات.. تلك الأماكن التي يموت فيها الناس بردا و جوعا و مرضا و جهلا و خيانة من طرف كل من بيده ثروات الوطن..
 
الشركات الكبرى تتوغل في أبعد المناطق إن علمت بوجود منجم ذهب أو معادن في جبل ما.. في الجبل نفسه تعيش أسرة ماتت أمهم الحامل لأنه لا مستشفى بالجبل...
تتوغل الطائرات والمروحيات داخل السهول و لصحاري والفجاج والطرق الوعرة خلال الانتخابات لكي تحصل على أصوات المستضعفين ثم تغادرهم، ولا تعود إليهم إلا بعد أربع سنوات لتكرر عملية الاغتصاب نفسها على مرأى من الوطن...
لمديري مهرجان مراكش و غيره من التفاهة: أفلامكم الطويلة و القصيرة يشخصها ممثلون أغنياء أغنتهم الإشهارات.. أغلبهم اغنياء لم يذوقوا مرارة الحرمان.. لا يعرفون معنى أن لا يكون لك شيء... 
خذوا كاميراتكم و معدات تصويركم واذهبوا إلى حيث لا يريد أحدكم الذهاب... صوروا حقيقتنا البشعة... فأنتم حتى الآن لا تعلمون شيئا عن المعاناة....
اذهبوا إلى حيث قُدمت موزة لطفل صغير فحسبها لعبة... ظل يلعب بها ويرميها أرضا ويرفعها إلى السماء الى أن ذبلت.. و رماها.. و لم يعرف أنها صالحة للأكل...
Haut du formulaire
Bas du formulaire


فرح أشباب

شاركها مع أصدقائك!
تابعني→
أبدي اعجابك →
شارك! →

0 التعليقات :

إرسال تعليق