أخر المقالات
تحميل...
ضع بريدك هنا وأحصل على أخر التحديثات!

عـــالــمـك الــخـاص بـــك!.

آخر المقالات

المقالات

الأحد، 30 نوفمبر 2014

حدادا على أبناء المغرب غير النافع


رأى هارون الرشيد حسب رواية ما سحابة تمر فوقه، فخاطبها اذهبي أنى شئت فيأتيني خراجك.
وفي الحكاية تعبير عن سطوة الحكام واستئثارهم بخيرات السماء وفرضهم للضرائب والمكوس على المحكومين.

سبب نزول هذه الحكاية ما يقع حاليا لأهل المغرب غير النافع.
هؤلاء الذين خرجوا قبل أيام ليعبروا عن سخطهم على الاكتواء بفواتير خيالية في الماء والكهرباء...فاتهمت العدادات وأنجزت التلفزات روبورطاجات ظهرت فيها أرامل وفقراء يتوصلون بضرائب خيالية وكأنهم يملكون فيلات أو مسابح أو ملاعب كولف...
وما كان الحل أمامهم إلا الشكوى...التي سيبت فيها بعد إجرءات ومساطر... ولكن عليهم قبل كل شيء الأداء.
نفس هؤلاء "المساخيط" استنفرتهم الدولة لأداء صلاة الاستسقاء...طبعا فالجفاف سيزيد في أثمان الماء والكهرباء والغداء والدواء و... بل سيضاعفها لأن الزيادة (الضرائب) موجودة بقوة الدولة وسياساتها... والصلاة القائمة هي فقط لحد الباس...
السماء ليست بليدة...وليست شحيحة...وليست رحيمة...وليست بدون آذان.
السماء انفجرت.
فالأمطار انطلقت من معاقلها بلاحدود ونزلت على رؤوس "العبد الضعيف" الذي وجد نفسه يغرق.
ووحدهم "المساخيط" دفعوا الثمن.
تلك المنازل أو أشباه المنازل الطينية التي كانت تعرض كنموذج للمعمار المغربي الأصيل الذي يعتمد على الطين والمواد الأولية غير الملوثة جرفتها السيول...
وتلك الوديان والأنهار التي نامت فبني فوقها الناس مساكن وشيد عليها مهندسو الدولة قناطر وجسورا لايختلف تصميمها عن رسومات أطفال الروضة...انجرفت.
والوطن كاملا، تحديدا ذلك غير النافع، مشاريعه وطرقه ومساكنه...بدت كأنها من ورق فلم ترحمها الأمطار...وطن من ورق يمزق على مهل...
ومعه استيقظ الناس على الفاجعة.
ومعه تحول الناس إلى فاجعة.
ومعه تحول الإنسان إلى قمامة تجمع في البلاستيك...وتحمل في شاحنات الزبالة....إلى قبور باردة ولكنها ليست أشد برودة من حضن هذا الوطن.
كشفت الفيضانات عورات مشاريع الوهم، وقناطر الوهم ومساكن الوهم ومدن الوهم وقرى الوهم...كشفت كل الوهم.
كشفت أن الإنسان في بلدي هو ذكرى إنسان.
وأن الإنسان مجرد قمامة لاتستحق حتى الحداد...
وكشفت أن القبر أرحم من الوطن.
وأن التاريخ يعيد نفسه.
وأن هارون الرشيد مازال هناك جالسا ينتظر حقه في الضرائب.
وأن الشعب سيظل يدفع الضرائب: حيا وميتا، فوق القبر أو تحته، في الجفاف أو الفيضان أو الزلازل أو البراكين...
وكشفت أن الأزمنة الرديئة أخرست أصوات الشعراء.
فلسانهم صلبه المديح...فلم يجدوا قليلا من الرثاء، ليشيعوا مواطنين على حافة منتديات الإنسانية الفاخرة.


  
 إبراهيم العدراوي

شاركها مع أصدقائك!
تابعني→
أبدي اعجابك →
شارك! →

0 التعليقات :

إرسال تعليق