أخر المقالات
تحميل...
ضع بريدك هنا وأحصل على أخر التحديثات!

عـــالــمـك الــخـاص بـــك!.

آخر المقالات

المقالات

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

مسعود البدوي

العياشي ثابت
كانت غضبة أبيه ريحا صرصرا عاتية، طوحت به صوب المدينة، فتاه بين صفوف المتسكعين والمتسكعات، زمنا يسيرا يقتات على الفتات، قبل أن يصبح نادلا بأحد المطاعم، ويتعلم الطبخ على يد طهاة مهرة، فيتحول بعدها عاملا بأحد أفخم الفنادق في مدينة سياحية.

بعد خمس سنوات، عاد "مسعود البدوي" الى قرية أبيه متوددا طالبا صفح والده ورضاه. انبهر الجميع بسيارة مسعود، فانهالت عليه التحايا من كل جانب، وارتمى على رأس والده يقبله، فزالت غشاوة الغضب القديم، وملأت زغرودة الفرح آفاق البلدة الغائرة وسط جبال الأطلس الشاهقة، واجتمع الناس حول موائد مسعود بعد أن ذبح كبشين أقرنين بالمناسبة.

توالت أسئلة الحاضرين، فكان عليه إشباع فضولهم، وتغذية عجزهم عن استيعاب ذلك التحول الكبير في مظهر مسعود... كان استفسارهم عن طبيعة عمله في مقدمة التساؤلات، وكان استغرابهم شديدا عندما أكد لهم اشتغاله بفندق بالمدينة. انفجر "محند مهيريز" ضاحكا يطرد وجوما ساد الخيمة المنصوبة، ثم قال بسخريته المعهودة: "أنا لا أعرف بالمدينة إلا فنادق الحمير، كنت أقصدها صغيرا رفقة والدي، نترك بها حمارتنا الشهباء، ونعود لأخذها  بعد قضاء مآربنا...فهل يكون بمقدور عامل بفنادق الحمير أن يشتري سيارة كالتي نرى؟ ". ضحك الآخرون مندهشين وآذانهم تتحسس رد مسعود إذ أجاب: هذا أنت يا "مهيريز"، لم يتغير حالك منذ الأزل، فقد حجبت عنك الجبال تبدل الأحوال...إن بالمدينة فنادق للبشر، تقاس جودتها بالنجوم، وتتزايد أثمنتها حسب الخدمات والرغبات...

لقد تجاوزك الزمن يا مهيريز، واتسعت الهوة بين ماضيك الغائر في أعماق التجاهل، وبين حاضر مبهر، جعل قضاء ليلة واحدة في فندق من الفنادق الفخمة يكلف الزائر مايكفي لإطعام القبيلة بأسرها.

تاهت نظراتهم في عيون بعضهم بعضا، ولولا أن عهدوا صدق مسعود، لقالوا عنه  (أفاك أثيم...)

استطرد مسعود قائلا: أتدري يا مهيريز أن الحمير التي تتحدث عنها بتحقير وازدراء، قد أصبحت تشارك في المهرجانات ، وتتوج في مسابقات أسرع حمار، ومسابقات ملكة جمال الأتان، بل إنها دخلت عالم السياسة، فأصبحت تشارك في المظاهرات والمسيرات، جنبا إلى جنب مع الساسة المحنكين، وتحمل على ظهرها شعارات تندد بالفساد والجور المبين!؟ حتى إن أحد الظرفاء قال معلقا: "إن قادة المسيرات لا يتوفرون على قواعد، لذلك ارتأوا أن يكملوا المسيرات بالحمير!!!"

صمت الناس وقد شغلوا أفواههم بلوك الطعام، بينما كان مهيريز يسعل طالبا بيديه  كوب ماء يساعده على بلع لقمة علقت ببلعومه، فاتخذ الحاضرون من ورطته مهربا من حديث يستصغر ذواتاُ تراجعت خلف الحمير، إن لم تكن أقل أو أضل...
العياشي ثابت
انقر هنا لقراءة النص من مصدره.

شاركها مع أصدقائك!
تابعني→
أبدي اعجابك →
شارك! →

0 التعليقات :

إرسال تعليق