أخر المقالات
تحميل...
ضع بريدك هنا وأحصل على أخر التحديثات!

عـــالــمـك الــخـاص بـــك!.

آخر المقالات

المقالات

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

خيبة..



 «أهل عمك سيصلون في المساء. إن ضيعت ابنهم، فستكونين أكبر غبية.. أسمعت؟ لا أريد لحظك أن يكون عاثرا مثل حظي. إن جعلته يتزوجك، فستنقذين نفسك من إكمال حياتك هنا».. هكذا نصحت صفية ابنتها، التي ما إن خرجت لتمسك ببعض الدجاجات.. حتى طارت إلى المرآة الكبيرة، التي تتوسط خزانة ملابسها. تنحنحت قليلا، ثم أخذت تجرب كيف ستمد يدها لتسلم عليه، وبأية نبرة صوت سوف تتكلم بها معه، وما هو المقدار المناسب الذي يجب أن ترفع به رأسها نحوه.. لكي تظهر بمظهر الخجولة أمامه. كانت تفعل ذلك كله، وهي تتخيل شكل ابن عمها.. الذي لم تره منذ كانت طفلة، لا تفرق بين صندلها الأيمن وصندلها الأيسر. ارتمت فوق السرير، ثم أرخت جفنيها وكأن أحدهم يدلك جسمها، لتفيق على صوت أمها يناديها. قفزت من مكانها باتجاه المطبخ. تذكرت شيئا. عادت إلى المرآة مرة أخرى. تأملت نفسها، وأملتها بحلم جميل. أطلقت تنهيدة حارة طويلة، ثم ذهبت. كل ما حلمت به بث فيها نشاطا زائدا؛ الشيء الذي جعل أمها تثني على كونها تسمع الكلام جيدا. مر اليوم بسرعة، وجاءت اللحظة المنتظرة. صوت سيارة يقترب أكثر فأكثر من البيت. قلبها الصغير يدق بسرعة. عناقات طويلة وكلمات اشتياق، لم تكن صادقة منها إلا تلك التي كانت بين الرجال.. أما النسوة فكانت كل واحدة منهما ما تزال تحمل شيئا في قلبها ناحية الأخرى، منذ عشر سنوات بالضبط. انتظرت إلى الأخير حتى انتهى الجميع، لتجرها أمها بقوة وتقدمها لهم. عانقها عمها، وهو لا يصدق أنها كبرت وأصبحت جميلة إلى هذا الحد. سلمت على زوجة عمها وابنته بنفس الحرارة، وهي تحاول أن تنتقي كلمات الترحيب في حديثها معهما. مد ابن عمها يده إليها، فبقيت ساهمة فيه.. لكي تضربها أمها ضربة خفيفة في جنبها الأيسر، جعلتها تفهم أنه يجب أن تمد يدها هي الأخرى. دخل الجميع إلى الغرفة الكبيرة المخصصة للضيوف. طلبت منهم الأم الإذن، ثم غمزت ابنتها لكي تتبعها. غابتا قليلا لتعودا؛ حيث اجتمعوا كلهم حول جلسة الشاي وبدؤوا يستعيدون كل الذكريات الجميلة. أحست الصبية أن عينين تتبعانها؛ لذلك فإنها قررت في نفسها أن تنظر باتجاه ابن العم بغتة، وتمسكه وهو متلبس بالنظر إليها. حصل ذلك عدة مرات؛ مما جعل ابتسامة تقرص جنب شفتها في كل مرة. لم يكن بين الحضور من يراقبهما غير الأم.. التي بادرت بالسؤال عما إذا أعجبهم شاي ابنتها. قدمتا بعد قليل العشاء.. الذي كان الكلام فيه أكثر من الأكل. ترك أهل البيت بعد ذلك الضيوف يستريحون. أطفأت الأضواء. نام الجميع. لكن اثنين بقيا مستيقظين طيلة الليل يفكران في بعضهما البعض، وهما ينتظران نور الصباح.. الذي ما إن تسلل أول خيط من ضوئه، حتى قامت الصبية. غسلت وجهها. رتبت شكلها، ثم اتجهت إلى حيث تخبز العجين عادة. جلست في مكانها وأخذت تخلطه. بعد لحظات، أحست بشيء ما في أنفها. أدارت وجهها في كل الاتجاهات مثل سارقة مبتدئة. أدخلت أصبعها فيه وأخذت تضغط وتضغط. أخرجت ما أخرجته.. ثم أكملت ما بدأته، وكأن شيئا لم يحدث. لكن ما إن رفعت نظرها لتضيف بعض الماء، حتى رأت ابن عمها هناك.. واقفا وراء الباب. ساد المكان صمت نطق بكل الخيبات. عاد هو إلى فراشه خائبا، وأكملت هي ما بين يديها مصعوقة. لم تستطع أن تجلس معهم في وجبة الفطور، خوفا من أن تراه ثانية. لزمت غرفتها، متعذرة ببعض المغص. بعد قليل.. لحقت بها أمها «انهضي أيتها المتعوسة انهضي.. لقد أخبر والديه بأن شيئا ما طرأ في عمله، وهو مضطر للذهاب الآن».

بشرى الردادي
لقراءتها من المصدر انقر هنا
ا

شاركها مع أصدقائك!
تابعني→
أبدي اعجابك →
شارك! →

0 التعليقات :

إرسال تعليق