![]() |
صفاء فرادي |
عادت منهكة من الحفل، كان كل جزء من جسمها يؤلمها.. توضأت وصلت، أثناء
سجودها انهارت باكية وهي تدعو المولى أن يسعد قلب ابنتها، ويؤثث بالفرح كل ركن من
بيتها، أن يطيل عمرها حتى ترى أحفادها يملؤون البيت صراخا .. بعد أن فرغت من
صلاتها، توجهت لغرفة ابنتها، التي زفتها اليوم لزوجها، وهي تتذكر كل تلك السنوات التي قضتها
بالبيت.
فتحت دولابها، لازالت بعض أمتعتها هنا، أمسكت فستانها
وضمته لصدرها بقوة ودموعها تملأ وجهها، كانت صارمة في تعاملها معها، رغم أن الجميع
عاتبها على قسوتها مع ابنتها، إلا أن هذه الأخيرة كانت تحب والدتها كثيرا وتعلم أن خلف وجهها الصارم
يختبئ قلب حنون أنهكه الخذلان.. تذكرت كل الأيام التي قست عليها فيها، لم يسبق لها
أن احتوتها عند زلاتها، أو شجعتها عند نجاحاتها، كانت دائما تنهرها بسبب أو بدونه،
حتى يوم تخرجت من الجامعة بميزة مشرف جدا، اكتفت بابتسامة جافة.
أدركت كم كانت مخطئة في تعاملها معها، وأن التربية
السليمة لا تكون بالصرامة المبالغ فيها، حتى لو كان ذلك بدافع الخوف و الحب.. وقفت
عند هذه الكملة، أخذت هاتفها بفرح كمن خطرت له فكرة لم يكن يتوقعها، أرسلت أليها
رسالة نصية "كنتِ اليوم أجمل عروس رأيتها في حياتي، أنت الأبهى بنيتي
والأجمل، وستكونين دائما الأروع بأخلاقك و روحك الطيبة.. أحسني لزوجك وأحبيه،
وتذكري أنني هنا أفكر فيك في كل لحظة، وفي كل ثانية أدعو لك دائما.. أحبك"..
قد نخطئ أحيانا في حق من نحب، نقول لهم كلمة دون أن نلقي لها بالا، تترك شرخا مؤلما في
نفوسهم.. يزداد عمقا مع مرور الأيام. في حين أن كلمة بسيطة تستطيع أن تكون البلسم الشافي
لهاته الجروح، اعتذار صادق يمكن أن يجلو عن أرواحهم الطيبة
سواد الهفوات.
صفاء فرادي
0 التعليقات :
إرسال تعليق